«ضريبة التَرَف»  قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم

«ضريبة التَرَف»  قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم
«ضريبة التَرَف»  قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم

«ضريبة التَرَف»  قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم

هكذا تطل علينا أقدارنا وتشير بإصبع رسام قد وضع خطوط عريضة بنكهة الملح ومذاق العلقم مغزاها حياة قميئة ، عَجِزتُ معها عن محو ما يؤلمنى منها

العمر يمضي وكلما مضى عام من عمرى أشعر وكأن ذلك الجزء المشروخ الذى بداخلى يتسع شيئا فشيئا،

لفرط جهلي تزوجت  من ذلك الرجل الثرىّ الذي تَحلُم به كل فتاة، ولا أنكر أنى شهدت معه كل ألوان الرفاهية والراحة وجل مظاهر الحياة المترفة، الهدايا الثمينة التي كانت تنهال عليّ فى كل مناسبة وبدون مناسبة

عام كامل وأنا أشعر وكأنني ملكة متوجة على العرش ، حقيقة كنت أستكثِر الأمر على نفسى ويتملكني شعور قوي من الخوف أن هناك شئ ما سيحدث ليسرق مني أجمل أيام عمرى، كنت على يقين تام أن الغموض الذي استشعره فى شخصية زوجى يكمن ورائه ظلام حالك.

 بمرور الوقت بدأت أشتم رائحة الخيانة تفوح من جسد زوجي، فكرت كثيرا أن أواجهه ولكنى وجدت نفسي أقف أمام محكمة النفس الأمارة والتي تأمرني وتجبرني على  الاختيار الصعب، إما المواجهة التى ربما أخسر معها كل شيء، أو أن أغض الطرف لكى أستمر في العيش في هذه الحياة المُنَعمة.

 

 صوت عالي عبر ثنايا صدري ينذرني بأنني سأخسر كل هذا العز والترَف والحياة الناعمة وأصير إمرأة مطلقة لا تملك حتى المكان الآمن للعيش وسط زحمة الحياة، كل ذلك مصحوباً بنظرة مختلفة فى عيون الناس، أصبحت أقف أمام مرآة  ذات وجهين:

إما العيش بكرامة وفقر ، وإما أن أخفض صوتي وأطأطئ رأسي وأنعم بإيقاع الحياة كما هى ويبقى الحال كما هو عليه.

.... هذه كانت أول فرشاة بالمر والعلقم التي خُطَت فى لوحة حياتى، وقبلت حياة الترف ودفع الضريبة السوداء، كنت بالنسبة له (الببيون) التى يضعها حول عنقه لتكتمل أناقته التى اعتاد عليها ليكون محط أنظار المعجبات، ولوحة الموناليزا التى دفع فيها ثمنا باهظاً ليتباهى بها كونها تحفة فنية يقتنيها هو دون غيره.

 

وفى أول يوم من شهر مارس  وبعد مرور عشر سنوات على زواجنا كان عيد ميلادي وكما تعودنا كان يقام  حفل كبير بهذه المناسبة للاحتفال بيوم ميلاد حبيبة عمره وملكة حياته كما كان يقول دائما ليكتمل الشكل

الوجودى لهذه الحياة وكأنه ينتظر هذه المناسبة كل عام ليحقق مبتغاه من مظاهر خدّاعة ويشفى صدره بالغرور والعنجهية

 ذهبت للكوافير كالعادة،  الفستان تم تسليه بالمنزل، انتهيت من الكوافير ركبت سيارتي وصلت المنزل وأثناء صعودى على الدرج الداخلي للوصول إلى غرفتى سمعت أصواتا غريبة تأتى من الغرفة، لم تكن هذه الصدمة الأولى في حياتي فأنا تعودت على ذلك بشكل أو بآخر، هذا الرجل عبد لغرائزه التى لا تنتهى ولا تتوقف عند حدود، يحتمى وراء ورقة عرفى وبمجرد أن تنتهى النزوة يدير ظهره ويتم تمزيق الورقة وهكذا سلسله من الخيانة المقنعة تفوح رائحتها المقززة فى كل مكان وليس لها نقطة نهاية.

 

فتحت الباب بكل ثقة وجدته يرقد إلى جانب فتاة على سريرى بكل جرأة ، وبصوت منخفض جدا وحديث خفى اتسم بالهدوء المفتعل منى أجملت كلماتى فى جملة واحدة، نعم من أول يوم زواج وأنا أعلم أنك تخوننى لكنى لم أعرف أن التنازل سيغتالني إلى هذه الدرجة وسينال من كرامتي، أنهي ما أنت عليه واذهب إلى غرفة أخرى، أحتاج غرفتى لأجهز لحفلة عيد ميلادي.

أغلقت عليهم الباب وكانت هذه الفرشاة الأكثر قمائة، أمسيت ملكة على العرش ثم أصبحت أعيش داخل بوتقة من العار الذي لا يمحى، رُسِم بفرشاة الألم وبكل اللغات عار لا يمحى.